المجلة

جامعة الحوراء
حديث صريح مع الملك الحسن الثاني.. العلاقة مع إسرائيل والتطرف الديني السياسي واليهود المغاربة

قرآنية

حديث صريح مع الملك الحسن الثاني.. العلاقة مع إسرائيل والتطرف الديني السياسي واليهود المغاربة

تابع لـ غلاف المجلة
العدد 656225

الوصف

قابلت العاهل المغربي مرتين في استراحته بوزنيقة، بالقرب من العاصمة الرباط عقب انتهاء المؤتمر الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا. كان من الواضح أن الملك الحسن الثاني هو الذي يصنع دور المغرب حتى إنها أصبحت تملك دورا أساسيا في نشاطات دولية مهمة أبرزها قضية الشرق الأوسط، فقد اختيرت رئاسته للمؤتمر الاقتصادي، الذي يعتبر المؤتمر الأول الحقيقي مع إسرائيل بمشاركة الجامعة العربية لأول مرة وبمشاركة القطاع غير الحكومي العربي من معظم الدول العربية على أرض المغرب. واستطاع الملك الحسن الثاني أن يقنع المشرفين على إشراك كل الدول العربية بما فيها الدول البعيدة مثل دول المغرب العربي في نتائج الحل وهو ما حدث أخيرا.

والملك الحسن رجل سياسي من الطراز الكلاسيكي السابق، الذي أصبح اليوم عملة نادرة، يقرأ الحاضر على ضوء التاريخ، ويتسلح بصفات قلما تجدها في سياسي اليوم، وهي صارت تمثل أدوات الحكم المعاصر في دولة عربية إسلامية ذات تقاليد وأعراف راسخة. فالملك نفسه فقيه في الدين ويحيي دروس رمضان التفسيرية ويشارك فيها بقية العلماء نقاشاتهم. وهو عربي مغربي متزوج من بربرية، يؤمن بأن العائلة هي المتراس الاجتماعي والسياسي الأول للدولة. فعندما سألته عن خطته لمواجهة العنف السياسي قال إن المغرب ليس محصنا تماما ضد هذه الموجة وعلينا إذن أن نبقى متشبثين بما خلق حصانتنا في الماضي وهو قبل كل شيء الأسرة الأسرة ثم الأسرة.

 

الخوف من العنف

ولأن المغرب أكبر جار للجزائر، ولأن الجزائر تعاني من حالة حرب أهلية تقرييا، ولأن العنف السياسي في الجزائر يحمل شعار الدين، ولأن البعض يسميه تطرفا ولأنه أصاب عددا من الدول العربية والإسلامية، كان من المؤكد أن يفحص المغرب كدولة مجاورة خاصة مع توارد أنباء عن عمليتي عنف ظن أنهما «إسلاميتان».

سألت مغاربة ينتمون للحكومة والمعارضة عما إذا كانوا يخافون من التطرف الديني السياسي على المغرب، كلهم حاولوا نفيه. المغرب في نظرهم له خصوصية، فالملك هو رمز الدين. كما أن الدولة لم تحاول في الماضي أن تمارس أنظمة مخالفة للإسلام مثلما حدث في تونس أو الجزائر، ومع هذا جربت طرح السؤال على الملك الذي رد معترفا: نعم، المخاوف في المغرب موجودة ومتوقعة لأن المغرب لا يعيش في بيت من زجاج كما تعيش بعض المخلوقات في المختبرات معزولة عن جاراتها الميكروبات. زيادة على هذا كما ترى فإن المغرب مفتوح (مزدحم) بالقنوات التلفزيونية الداخلية والخارجية وقليل من الدول لنا معها تأشيرة الدخول، طلبتنا (منتشرون) في جميع أنحاء العالم والمغرب يعطي كذلك منحا (دراسية وتدريبية) لعدة دول أفريقية وغير أفريقية، فمن الطبيعي إذن أن نتخوف على بلدنا من هذه الموضة، فالمغرب ليس محصنا تماما. وواقعية الملك جزء من سمات تعامله مع القضايا من حوله، فهو قد أشار على المسؤولين الفرنسيين، كما قال في الحديث، أن يعترفوا بمنطق التعامل مع الأجيال الأولى من المهاجرين العرب والمسلمين عوضا عن مواجهتهم، فقد أشار على الفرنسيين تفهم حال الجيل الأول والثاني من المهاجرين لأنهم سيكونون أقرب في عاطفتهم وثقافتهم إلى المناطق التي جاءوا منها، وبدلا من مواجهتم نصح الفرنسيين بمساعدتهم في دراسة دينهم الإسلامي ولغتهم العربية حتى یشعروا بأنهم غير منبوذين.

وثقافة الملك التقليدية القرآنية الإسلامية أساسية، بجانبها يملك ثقافة غربية عالية جدا؛ فهو حافظ للأدب الأوروبي وكثير الاستشهاد به، والملك كذلك أستاذ جيد في التاريخ العالمي يحاضر على مستمعيه في كل مرة تثار فيها قضية حاضرة..

سألته عن عقدة العداوة بين العرب وإسرائيل والرفض الشعبي للاتفاقات العربية الإسرائيلية: كيف له كحاكم أن يحسم هذا التناقض؟

قال: هنا يمكتني أن أعطيك أمثلة كثيرة في التاريخ ولعل هذه الأمثلة أو أفصح هذه الأمثلة أنه خلال.. خمسين سنة أو ستين سنة كانت هناك ثلاث حروب بين فرنسا وألمانيا، وكانت الكراهية آنذاك هي القاعدة والتلاقي، وتبادل السلام هو الشذوذ. والآن نرى بعد أن مات من هذا الجانب وذاك الجانب أكثر من أربعة ملايين شخص، أن الأجيال الصاعدة... أصبحت هي التي تعلم التناسي، ولا أقول التسامح، التناسي والنسيان، وأصبحت هاتان الدولتان العمود الفقري لأوروبا، فهناك أمثلة أكثر من هذه، فبولونيا التي مزقت طيلة تاريخها ستصبح الآن في الجامعة الأوروبية. التاريخ لا يعيد نفسه وعلينا نحن إذا أردنا أن نصنع تاريخا جدیدا. (أن یکون) تاریخا إیجابیا لأن الحقد أو الضغينة شيئ سلبي، ما رأيت قط عالما تعلم على الحقد والضغينة، ولا فنانا أنجب على الضغينة والحقد. ولا دولة أنجبت على أساس رؤياها للماضي دون النظر إلى المستقبل. علينا نحن أن نتقن عملنا حتى يصبح أبناونا ناسين للمآسي التي عشناها وعاشها أجدادنا وآباؤنا فمسؤوليتنا مسؤولية ضخمة هي إيجاد السلم.

والملك الحسن يعرف ملف مدينة القدس، لأنه رئيس لجنتها، وقد قال كلاما لم أفهمه في البداية، قال إن القدس لن تعود إلى ما كانت عليه قبل عام 67. أعدت السؤال عليه: ماذا تعني بالضبط؟

التعليقات

Loading...