مقالة

الآثار التربوية لمشاركة السيّدة (ع) في ملحمة كربلاء وإدارتها للأزمات

الآثار التربوية لمشاركة السيّدة (ع) في ملحمة كربلاء وإدارتها للأزمات

09 May |2024

نقـف بصمـت وخشـوع فـي مدرسـة كربلاء، وأمـام سـيدة كربلاء، أمـام شـموخ زينب(ع) بطلــة كربلاء هــذه المدرســة التــي مُزجــت فــي حــدق التاريــخ بالعِبــرة والعَبـرة، لذلـك تغشـى الأقلام الحيـرة ويصيبهـا العجـز حينمـا يتنـاول الموضـوع قدسـية روحهـا وأبعـاد شـخصيتها، ولاسـيما إن كان الموضـوع يتعلـق بقـدرة هـذه الـروح السـماوية فـي إدارة المحـن والأزمـات. امتلكـت السـيدة زينـب (ع) خصائـص شـخصية حولـت مـن خلالهـا الأزمـة إلـى انعطافـة فـي النصـر فصنعـت التاريـخ فـي حمـل قضيتهـا، وهـي تسـلط الأضواء علـى مواقـع الظلامـة، وتقـوم بـدور تأجيـج العواطـف و إلهـاب المشـاعر، أثنـاء الواقعة وبعـد الواقعة. نحـن اليـوم بأمـس الحاجـة لطـرح نمـاذج مـن تراثنـا الإسلامي العريـق لتكـون لنــا قــدوة، وليــس هنــاك أروع مــن نمــاذج بيــت النبــوة والوحــي، فــالإرث الفكــري والروحـي والتربـوي الـذي صنعتـه لنـا سـيدة التاريـخ زينـب مهـم جـداً ونحـن بأمــس الحاجــة لمثــل هــذا الإرث، فلقــد واجهــت الســيدة زينــب فــي مســيرتها عنـده، الكثيـر مـن الرزايـا والأزمـات وانتصـرت عليهـا، فهـذا الإرث يسـتحق الوقـوف والتمعـن بمضامينـه العلميـة والفكريـة والتربويـة.

المقدمة

        يقــف قلمــي وقفــة صمــت وخشــوع أمــام مدرســة كربلاء، هــذه المدرســة التــي مزجهــا أئمتنــا بالعِبــرة فالحديــث عــن مدرســة كربلاء يعنــي الحديــث عــن زينب(ع)، عقيلـة بنـي هاشـم وهـي ثانـي أعظـم سـيّدة مـن سـيّدات أهـل البيـت المحمـدي والإبنـة الكبـرى للإمـام علـي والسـيدة فاطمـة (ع)، وهـي السـيّدة الأولـى تدخـل علـى ابـن زيـاد لعنـة الله عليـه أسـيرة ومقتـولٌ جميـع أهلهـا، فيوجـّه الخطاب لزينـب شـامتاً: كيـف وجـدت صنـع الله بأخيك؟...فتـرد عليـه قائلـة: «والله مـا رأيـت إلّا جميـلا، هـؤلاء رجـال كُتِـب عليهـم القتـال فبـرزوا إلـى مضاجعهـم».

        أيّ مكانـة بلغتـي سـيدتي وأيّ مسـتوى مـن الصّبـر والثبـات عندما تصفين كل مـا رأيتـي بالشـيء الجميـل، لتقولـي عبارتـك التـي كانـت كالصاعقـة نزلـت علـى رأس اللعيـن ابـن اللعيـن ابـن زيـاد لتصفـي صبـرك وثباتـك فتقولـي: «مـا رأيـت إلا جميـلا»، أي جمـال هـذا الـذي يتجلـى للسـيّدة زينـب بنـت النبـوة وعطـر الإمامـة ولا تـراه العيـون المحجوبـة عـن رؤيـة الجمـال الحقيقـي فـي هـذا الكـون، وأي جمـال تستشـعره هـذه العارفـة بـالله ولا تحسـه القلـوب القابعـة فـي ظلمـات الآثـام والرذائـل.

        فــي هــذا المقــال تــم تتبــع الآثــار التربويّــة لمشــاركة الســيّدة زينــب (ع) في كربـلاء، تلـك الآثـار التـي كانـت عبـارة عـن دروس وعبـر، وكيفيّـة تغييـر حالـة الـذل إلـى حالـة العـز والكرامـة.

        بــدأت فــي مقالتــي بتوضيــح بعــض المفاهيــم الــواردة فــي عنــوان المقالــة، ووضّحــت نظريّــات إدارة الأزمــة وأســلوب التعامــل مــع الأزمــات. ثــم بــدأت بتوضيــح خصائــص الســيّدة زينــب(ع)، تلــك الخصائــص التــي أهّلتهــا لتتحمـل إدارة الأزمـات فـي كربـلاء وكيـف أنهـا كانت(ع) تسـلّط الأضـواء وتلفــت الأنظــار إلــى مواقــع الظلامــة وتأجيــج العواطــف و إلهــاب المشــاعر أثنــاء الواقعـة وبعـد الواقعـة فـي الكوفـة والشـام. إنّ المواقـف العاطفيـة والوجدانيـة التـي قامــت بهــا الســيّدة زينــب(ع) لــم تكــن مجــرد ردود أفعــال عاطفيــة، بــل كانــت تلـك المواقـف فـوق ذلـك سـلاحاً مشـروعاً تصوّبـه نحـو الظلـم والعـدوان وتدافـع بـكل مـا أوتيـت مـن قـوة عـن معسـكر الحـق والرسـالة المحمديـّة.

        ويهــدف البحــث إلــى توضيــح وشــرح الأزمــة التــي واجهتهــا الســيّدة زينـب(ع) وكيفيّـة إدارتهـا وفـق العناصـر الضروريّة الحديثـة الواجـب توفرهـا بمديـر الأزمـة والإسـتفادة مـن ريـادة و إبـداع السـيّدة زينـب (ع) فـي إدارة الأزمـة وتحديـد النظريّــة التــي اعتمدتهــا فــي ذلــك. فنحـن اليـوم بأمـس الحاجـة لتكثيـف البحـث والدراسـة حـول نمـاذج مـن تراثنــا الإسلامي العريــق، وتكــون تلــك النمــاذج قــدوة لنــا. فهــل هنــاك أروع مــن نمــاذج بيــت النبــوة ومعــدن الرســالة والوحــي؟ إنّ الســيّدة زينــب (ع) كنمــوذج، تركـت لنـا إرثـا علميّـاً وفكريّـاً وتربويـّاً مهمـاً، ونحـن اليـوم بأمـس الحاجـة لمثـل هـذا الإرث، فلقـد واجهـت السـيدة زينـب خـلال حياتهـا الكثيـر مـن الرزايـا والأزمـات وحققــت نتائــج كبيــرة تســتحق الوقــوف عندهــا والتمعــن بمضامينهــا العلميــة والفكريــة والتربويــة.

مفاهيم كلية

        قبـل الشـروع فـي البحـث، لابـد لنـا مـن توضيـح بعـض المفاهيـم الـواردة فـي البحث مــن أجــل طــرح الأفــكار بشــكل أفضــل. ومــن المفاهيــم التــي احتواهــا العنــوان هــي:

1. الآثار:

        «أثـر جمـع آثـار، الأثر:العامـة، مثـلاً آثـار التعـب واضحـة علـى محيـاه: علامـات التعـب، ولـم نجـد لـه أثـراً خبـراً، مـازال الجـرح باقيـاً: علامتـه»[1]

وقوله عزّ وجل: ﴿ وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ [2] أي نكتـب مـا أسـلفوا مـن أعمالهـم ونكتـب آثارهـم، أي مـن سـنّ سـنّة حسـنة كُتـب لـه ثوابهـا، ومـن سـنّ سـنّة سـيئة فعليه عقابهـا وحسابها، وسـنن النبي اثـاره »[3]

«أثـر الشـيء حصـول مايـدل علـى وجـوده يقـال أثـر وأثر والجمـع آثار، قولـه تعالى: ﴿ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا﴾[4] وكذلك قوله: ﴿ فَانْظُرْ إِلی آثارِ رَحْمَتِ اللهِ﴾[5].

2. التربية:
لغة: للتربية ثلاث أصول لغوية:
الأصــل الأول: ربــا يربــو أي بمعنــى النمــو والزيــادة، وقــد ورد هــذا المعنــى فــي القرآن: ﴿وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّه﴾
الأصل الثاني: ربا يربي ومعناه نشأ وترعرع.

الأصل الثالث: ربَ يربُ أي بمعنى الإصلاح والتولي[6]
        (إن الأصــل واحــد فــي هــذه المــادة، ســوق الشــيء إلــى جهــة الكمــال ورفــع النقائــص بالتخليــة والتحليــة ســواء كان مــن جهــة الذاتيــات، أو العــوارض، أو الاعتقــادات والمعــارف، أو الصفــات والأخلاقيــات، أو الأعمــال والآداب، أو العلــوم المتداولـة فـي إنسـان أو حيـوان أو نبـات ففـي كل شـيء بحسـبه وبحسـب ما يقضي ترفيــع منزلتــه وتكميــل شــأنه ).[7]

التربية اصطلاحاً

        يقـول عالـم النّفـس هنري جولـي: إنّ التربية هي (مجموعة الجهود التي تهدف إلى أن تسير للفرد الامتلاك الكامل لمختلف ملكاته وحسن استخدامها)[8].
ويعرّفهـا الدكتـور علـي القائمـي: (التربيـة مأخوذة مـن مادة ربـو، وتعني في اللغة الإرتفــاع، بلــوغ الــذروة والإضافــة والرشــد، ومعناهــا الإصطلاحــي:(الســعي لإيجــاد التغيـر المطلـوب فـي الفـرد و إيصالـه إلـى التكامـل التدريجـي المسـتمر.)
أمّـا التربيـة فـي التصـور الإسـلامي فهي: (مجموعة القيـم والمفاهيـم التي ترتبط فيمــا بينهــا ضمــن إطــار فكــري يســتند إلــى التصــورات المطروحــة فــي الكتــاب والسـنة حـول الكـون والإنسـان).
        ونلاحـظ مـن التعريـف أن السـيد نذيـر الحسـيني قـد ذكـر مصـدران مـن مصـادر التربيـة الإسلامية وهمـا: القـرآن والسـنّة النبويـة الشـريفة، ونجـد فـي القـرآن مـا يعـزز قولنـا هـذا: ﴿إِنَّ هٰذَا القُرآنَ يَهدي لِلَّتي هِيَ أَقوَمُ﴾[9].

         وأمـا السـنّة النبويـة والتـي هـي عبـارة عـن قـول المعصـوم وفعله وتقريـره، والتـي هـي الوجـه الآخـر لكتـاب الله العزيـز الحكيـم والجانـب التطبيقـي لـكل مـا ضـمّ مـن أسـس تربويـة مهمـة، فقـد كان المعصـوم نموذجـاً راقيـاً ورائعـاً للتربيـة الإسلامية، يقـول الإمـام علـي(ع)  عـن أخلاق النبـي محمد(ص): ( مـا سُـئِل شـيئا قـط فقـال:لا، ومـا ردّ سـائلاً بحاجـة إلا بهـا أو بميسـور القـول )[10].

3. الأزمة:
لغــة: (الأزمــة: الشــدّة والقحــط، ويقــال أصابتنــا أزمــة أي شــدّة[11]).

إدارة الأزمــة: (هـي عمليـة الإسـتعداد وسـرعة الإسـتجابة للحـدث السـلبي غير المتوقـع للحد من تصاعـد الأزمـة وتفاقمهـا لتصبـح مشـكلة أ كبـر)[12].

نظريات إدارة الازمة

        (إن إدارة الأزمــات هــي الوســيلة أو الكيفيــة فــي مواجهــة الحــالات الطارئــة والتخطيـط للتعامـل مـع الحـالات التـي لا يمكـن تجنبهـا، وإجـراء التحضيـرات للأزمــات التــي مــن الممكــن التنبــوء بهــا) [13]

إدارة الأزمة تدرس وفق ثاث نظريات أو مداخل وهي كما يلي:

- المدخل التقليدي: وهوأن ينظر صاحب الأزمة للأزمة نظرة تقليدية، أي ينظر فقط للأزمة من الداخل و يحاول حلها بطريقة غير فعالة، و يتجاهل المشاكل البيئية الخارجية، أي يحاول أن يعالج الأزمة بعد تفاقمها، وهذا مدخل ضيق التفكير وغير فعال لمواجهة الأزمات.

- المدخل الموقفي: بما أن الأزمة موقف غير متوقع فلا توجد طريقة مثلى تصلح لجميع الأزمات بل أن كل أزمة لها ظروفها ولها مدخلها لأن الأزمات لا تتشابه، فما يصلح لأزمة لا يصلح لأخرى، أي ليس هناك خطة مثالية أو قرار مثالي.

- المدخل الحديث: يتم التركيز في هذا المدخل على البيئتين الداخلية والخارجية للأزمة والقدرة على التنبوء بالأزمات قبل وقوعها مع التهيؤ المسبق. [14]

أسلوب التعامل مع الأزمات

- أسلوب احتواء الأزمة: وهو محاولة حصر الأزمة في المرحلة الآنية وتجميدها في ذلك النطاق المحدود.

- أسلوب تصعيد الأزمة: عندما تكون الأزمة غير واضحة المعاني يحاول من يدير الأزمة تصعيدها لفك التكتل أولاً والتقليل من ضغط الأزمة حتى تصل إلى نقطة تعارض المصالح مع الخصم (إن وجد خصم) وبالتالي ينتهي مفعول الأزمة.

- أسلوب تفريغ الأزمة من مضمونها: و يعد هذا الأسلوب من أنجح الأساليب للتعامل مع الأزمات حيث أن كل أزمة تشمل موضوعاً معيناً، سياسياً، أو دينياً، أو اقتصادياً، أو ثقافياً، أو إدار ياً، حيث يقوم المتصدي لإدارة الأزمة بتفريغها من محتواها وبالتالي تفقد الأزمة هويتها، وفي حالة وجود الخصم لا يستطيع أن يحتفظ بقوة ضغط الأزمة.

خصائص السيدة زينب(ع) التربوية

        لا يخفــى علــى أحــد أن ربيبــة الوحــي والرســالة والقــرآن وأول ابنــة لحبيبــة حبيــب الله(ص) كان اســمها زينــب(ع)، وزينــب فــي اللغــة شــجر حســن المنظــر طيــب الرائحــة وبــه ســميت المــرأة. [15]

«وقـال البعـض:ان اسـم زينـب يعنـي أم المصائـب، علمـا بمـا سـتتحمله (ع) مـن بلايـا ورزايـا ومـن سـبي وأسـر لذلـك سـميت زينـب »[16]

        قـد تولّـى الله سـبحانه وتعالـى تسـميتها حيـث قـال السـيّد نـور الديـن الجزائـري فـي الخصائـص الزينبيـة «ففـي الخبـر: أنّ فاطمـة الزهـراء(ع) لمـا وضعـت ابنتهـا الكبــرى، ومضــى علــى ذلــك أيـّـام التفتــت إلــى أميــر المؤمنيــن علــي ابــن ابــي طالـب(ع) وقالت:يـا أميـر المؤمنيـن ألا تختـار لابنتك اسـماً؟ فقال يـا بنت الصفوة أنّ ذلــك إلــى رســول الله(ص)، فأخذهــا رســول الله (ص) وضمّهــا إلــى صــدره وقبّلهــا فيمــا بيــن عينيهــا ودموعــه تتقاطــر و إذا بجبرائيــل ينــزل مــن عنــد الجليــل ويقـرئ رسـول الله(ص) السـلام، ويقـول: السـلام يخصّـك بالسلام ويقـول لـك: سـمّها باسـم زينـب، فسـماها رسـول الله (ص) باسـم زينـب».[17]

        يـرى علمـاء النفـس أن هنـاك ثلاثـة أبعـاد ذات أثـر مباشـر علـى تربيـة الإنسـان وتكويـن شـخصيته، وهـذه الأبعـاد كمـا يقـول الشـيخ محمـد تقـي فلسـفي: (يرجـع شـطراً إلـى دور الجنيـن فـي الرحـم والشـطر الآخـر إلـى فـن التربيـة والبيئـة التي يعيش فيهـا الإنسـان) [18]

واكتملـت فـي شـخصيّة السـيّدة زينـب(ع) هـذه الأبعـاد الثلاثـة، فقـد قضـت سـلام الله عليهـا مـع أمّهـا الزهـراء عليهـا السـلام خمـس سـنوات، عاشـت تلـك الفتـرة وهـي مغمـورة بحنـان الأم وعطفهـا ومـا أروعهـا مـن أم فهـل نجـد فـي بقـاع الأرض أم كالزهـراء سـلام الله عليهـا فهـي سـيدة نسـاء العالميـن وحبيبـة رسـول الله وقـرّة عينـه وثمـرة فـؤاده وروحـه التـي بيـن جنبيـه، فالسـيّدة زينـب قـد تربـت فـي حجـر أطهـر أنثـى علـى وجـه الأرض، وتلقّـت سلام الله عليهـا تربيـة نموذجيـّة مـن أم نموذجيـّة بـكل معنـى الكلمـة، وأب نموذجـي الـذي أعطـى المناهـج التربويـة للأجيـال وأنـار طـرق التربيـة الصحيحـة، وبـذل اهتماما بالغـاً وعناية بالغة وتامـة في تربيته لعائلته ليكونوا أسـياد القيـم الأخلاقيـة والفضائـل.

        «ومـن الواضـح أن السـيدة زينـب(ع) -بمواهبهـا واسـتعدادها النفسـي- كانـت تتقبـل تلـك الأصـول التربويـة وتتبلـور بهـا وتندمـج معهـا».[19] ولكــن شــاءت الأقــدار أن تلقــى الســيّدة زينــب(ع) فــي أحضــان المصائــب والأحــزان منــذ الطفولــة إلــى آخــر يــوم فــي حياتهــا، فقــد مــرّت سلام الله عليهــا بسلسـلة متّصلـة مـن الآلام منـذ البدايـة وحتـى النهايـة. فقـد شـاهدت وفـاة رسـول الله، والحـوادث المؤلمـة التـي عصفـت بأمهـا البتـول، ومـا تعرّضـت لـه مـن الضـرب والأذى ومــا تعــرّض لــه أهــل بيتهــا بشــكل خــاص قـال الإمـام علـي عليـه السـلام: «نـزل بـي مـن وفـاة رسـول الله(ص) مـا لـم أكـن أظـن الجبـال حملتـه عنـوة كانـت تنهـض بـه». [20] وســمعت صــوت أمهــا تنــادي فلا تجــاب، عليلــة طريحــة الفــراش مكســورة الضلــع وبعــد حوالــي (75يومــاً) مــرّت علــى الســيّدة زينــب (ع) مصيبــة أخــرى، وهــي استشــهاد الزهــراء (ع).

        لقـد أنضجـت تلـك الأحـداث البنت الصغيـرة، فصارت البنـت كالأم تحمل الشدائد والمصائب، ثــم شــاهدت سلام الله عليهــا مقتــل أبيهــا أميــر المؤمنيــن (ع)، ونــادت مــع مـن نـادى (تهدّمـت والله أركان الهـدى)، وحاولـت جاهـده أن تخفـف هـول الصدمـة علـى أخويهـا الحسـن والحسـين، وينقـل لنـا التاريـخ أن الإمـام كان فـي هـذه الليلـة ضيــف ابنتــه زينــب(ع)، وشــاهدته قائمـاً وقاعــداً وراكعاً وســاجداً يخــرج ســاعة بعـد سـاعة يقلـب طرفـه السـماء، وينظـر فـي الكواكـب وهـو يقـول: «والله مـا كذبت ولا

كذبـت، وأنّهـا الليلـة التـي وعـدت بهـا».

        وشـاهدت أخاهـا الحسـن أصفـر اللـون يجـود بنفسـه، ويسـتفرغ كبـده قطعاً من أثـر السّـم الـذي دسّـته لـه جعـدة بنـت الأشـعث لعنـة الله عليهـا وصاحـت «وا أخـاه واحسـناه واقلـة ناصـراه حزنـي عليـك لا ينقطـع عليـك طـوال عمري، ثـم بكت على أخيهـا وهـي تلثـم خديـه وتتمـرغ عليـه وتبكـي طويلا».[21]

والســؤال الذي يطــرح نفســه هنــا، كيــف قابلــت الســيّدة زينــب (ع) هــذه الأحــداث الجســام؟ يقــول محمــد جــواد مغنيــة: «لقــد تحوّلــت تلــك المحــن والمصائـب بكاملهـا إلـى عقـل وصبـر وثقـة بـالله، وكشـفت كل نازلـة نزلـت بهـا عـن معنــى مــن أســمى معانــي الكمــال والجـلال، وعــن ســر مــن أســرار الإيمــان النبــوي المحمـدي، وليـس فـي قولـي هـذا أيـة شـائبة مـن المغـالاة مـا دمـت أقصـد الإيمـان الصحيـح الكامـل الـذي لا ينحـرف بصاحبـه عـن طاعـة الله ومرضاتـه مهما تكــن الدوافــع ». [22]

وبعـد كل مـا رأتـه (ع) بـرزت شـخصيتها متكاملـة تملـك إرثـاً تربويـاً واضحـاً فمــع تلــك الظــروف الصعبــة التــي مــرت بهــا (ع) مــن ضيــاع حقــوق أهــل بيتهــا، تصــدّت وحاولــت أن تتكيـّـف تكيّفــاً إيجابيــاً أمــام الضغوطــات والتحدّيــات، وتكاملـت شـخصيّتها مـن هـذا كلـه لتبـرز تجربتهـا الوجوديـة والآثار التربويـة لبيـت آل محمـد فـي واقعـة كربلاء وبعـد واقعـة كربلاء، أثبتـت(ع) مقـدرة فائقـة فـي إدارة كل مـا مـرت بـه مـن أزمـات بوصفهـا قائـدة للركـب الحسـيني بعـد استشـهاد الإمـام الحســين(ع).

السيدة زينب(ع)في كربلاء

       توفـي معاويـة عـام60 هــجري، وتولّـى يزيـد الحكـم فـي العالـم الإسلامي، وأمـر بأخــذ البيعــة لــه مــن أهــل المدينــة وخاصّــة الشــخصيات البــارزة فيهــا كالإمــام الحسـين، رفـض الإمـام أن يبايعـه وقـال عبارتـه الخالـدة ولكـن الإمـام (ع) أبـى أن يمـد يـد البيعـة لـه وقال: (مثلـي لا يبايـع مثلـه) [23]. وقـرر مبارحـة المدينـة والتوجّـه إلـى مكّـة، فلمـا أحـس(ع) بمـا يضمـره لـه يزيـد وعمالـه وبتصميمهـم علـى اغتياله إبـان مراسـم الحـج، لأنـّه يشـكل عقبـة أمـام مآربهـم غيـر المشـروعة، غـادر (ع) مكـة نحـو الكوفـة التـي وقـع اختيـاره عليهـا، لأنّ أهلهـا مـن الشـيعة قـد كتبـوا إليـه بالقدوم عليهـم [24][25].

        أعلــن الإمــام (ع) أنــه يريــد الخــروج إلــى مكــة، وقــرّر (ع) اصطحــاب النّســاء والأطفــال معــه، وقــد ســأله محمــد بــن الحنفيــة لمــاذا النســاء والأطفــال، فــكان جـواب الإمـام(ع): «شـاء الله أن يراهـن سـبايا» أي أن اصطحابـه لأهـل بيتـه أمر إلهي و إرادة الله تعالــى ومشــيئته. إنّ هــذه المشــيئة الإلهيــة تــدل علــى منزلــة الســيدة زينــب(ع) وعظمتهــا وفضلهـا، وإنّهـا كانـت شـريكة الإمـام الحسـين(ع) فـي ثورتـه، فالتّاريـخ ينقـل لنـا كثيـراً مـن الحـوادث التـي تبيّـن لنـا حقيقـة واحـدة وهـي مـدى عمـق العلاقـة وقوّتهـا بيـن السـيدة زينـب وأخيهـا الإمـام الحسـين (ع)، فالعلاقـة لـم تكـن مقتصـرة علـى إنهما قــد تربيــا فــي حجــر واحــد، بــل إنّ العلاقــة كانــت أقــوى وأعمــق مــن ذلــك بكثيــر ومـن عمـق هـذه العلاقـة نعـرف أيضـاً لمـاذا خرجـت السـيدة زينـب (ع) مـع الإمـام الحسـين(ع) نحـو كربـلاء.

        قلنـا إن المشـيئة الإلهيـة اقتضـت خروج السـيدة زينـب(ع)إلى كربلاء (وشـاء الله أن يراهن سـبايا) والسـؤال الذي يتبادر إلى الذهن: لماذا شـاء الله أن يراهن سـبايا؟ هـل فـي هـذا مصلحـة؟ ولمـن تلك المصلحـة؟ للإمـام الحسـين(ع) والتعريف عن ثورتـه بعـد مقتلـه بوصفـه نوعـاً مـن الإعـلام الواسـع لكشـف العـدو أمـام المجتمـع؟ أم للســيّدة زينــب(ع) ومكانتهــا الشــامخة المرموقــة لتنــال بذلــك فضـلاً لهدايــة النـاس، أم لمـن؟ إنّهـا مشـيئة الله وقضـاؤه وهـذه العبـارة توضـح أرقـى ألـوان العبوديـة والتسـليم لله سـبحانه وتعالـى أنـه إفنـاء إرادتـه (ع) مقابـل إرادة الله وهـذا حتمـاً نابـع مـن الثقـة اللامتناهيـة بـالله سـبحانه وتعالـى، وحسـن الظـن بربوبيتـه التشـريعية وتدبيـره لـكل أمـور الإنسـان.

        «وهـذا التعريـف المتأخـر عـن ثـورة الإمـام الحسـين(ع) ليـس لأجـل مصلحـة الحسـين(ع) نفسـه ولا لمصلحة أصحابه المستشـهدين معه، لأنّهم نالوا بالشهادة مـا رزقهـم الله جـلّ جلالـه مـن المقامـات العاليـة فـي الـدّار الآخـرة، و إنّما هـذا الإعلام إرادة الله سـبحانه وتعالـى لأجـل هدايـة المجتمـع. فمـا يقـال مـن أنـه إكمـال لثـورة الحسـين عليـه السلام، يـراد بـه الجانـب الظاهـري فـي الدّنيـا، لا الجانـب الباطنـي فـي الآخـرة. [26]

دورها التربوي في الصبر والثبات

      مــكانٌ حمــل اســم كــربٍ وبـلاء، بــدأت الســيّدة زينــب(ع)مــن هــذا المــكان رحلة الصبــر والثبــات بــكل معنــى الكلمــة، حيــث كانــت (ع) مفزعــاً للكبــار والصغـار، ولجميـع أفـراد الأسـرة الشـريفة حتـى حـلّ الصّبـاح مـن يـوم العاشـر مـن شـهر محـرم حيـن اشـتعلت نـار الحـرب، وتوالـت المصائـب علـى سـيّدة الصبر والثبـات، وكان الأصحـاب والأنصـار يستشـهدون واحـداً تلـو الآخـر بيـن يـدي أبـي عبــد الله(ع) حتّــى وصــل الــدور إلــى فــرع النبــوّة والإمامــة، وبــدأ رجــالات البيــت العلـوي بالتقـدم واحـداً بعـد الآخـر، فـكان علـي الأكبـر أول من تقـدّم ثـم بعـده أولاد السـيّدة زينـب (ع)  ثـم قمـر بنـي هاشـم....وآخر من قدّمـه الإمـام الحسـين هـو ولـده الرّضيـع العطشـان، والله وحـده يعلـم مـاذا جـرى علـى قلـب الإمـام الحسـين(ع) وقلـب السـيّدة زينـب(ع) حينمـا أردوه الأعداء قتيلاً؛ لكنّهـا(ع) أظهـرت درجـة عاليــة مــن الصبــر والثبــات عندمــا حانــت لحظــة الــوداع المؤلمــة، وداع الإمــام الحسـين (ع). السـيّدة زينـب فـي قمّـة الأحـزان تنـادي: «واوحدتـاه، واقلـة ناصـراه، ولطمـت علـى وجههـا! فقـال لهـا الإمـام الحسـين(ع): (مهلاً يـا ابنـة المرتضـى، إنّ البـكاء طويـل). [27]

        ثـم بعـد هـذا الـوداع طلـب الإمام الحسـين(ع) مـن السـيّدة زينـب(ع) أن تأتيه بثـوب قديـم فقـال لها: (أخيـة إتينـي بثـوب عتيـق لا يرغـب فيـه أحـد أجعلـه تحـت ثيابـي لئلّا أُجرّد بعـد قتلـي، فأنّي مقتـول مسـلوب)، ولمـّا أراد الإمـام أن يخـرج نحـو المعركـة نظـر يمينـاً وشـمالاً ونـادى: هـل من يقـدّم إلـيّ جـوادي؟ فسـمعت السـيّدة زينــب ذلــك، فخرجــت وأخــذت بعنــان الجــواد وأقبلــت إليــه وهــي تقــول: لمــن تنـادي وقـد قرّحـت فـؤادي؟) [28]

        أول مـن أعلمهـا باستشـهاد الإمـام الحسـين(ع) هـو الإمـام السـجاد(ع) إذ قـال لهـا بصـوت ضعيـف أنهكـه المـرض والبلايـا: (يـا عمـة: أنـا عليـل مريض لا أسـتطيع النهـوض، ارفعـي جانـب الخيمـة واسـنديني إلـى صـدرك لأنظـر مـا جرى، فقـال يـا عمـة: اجمعـي العيـال والأطفـال، لقـد قُتِل أبـي الحسـين، قُتِل أسـد الله الباسـل، قُتِل ابـن سـيّد الأوصيـاء قُتِل ابـن فاطمـة الزهـراء).[29] خرجــت عنــد مصرعــه وقفــت عنــد جســد أخيهــا الحســين(ع)، تنظــر إليــه، ثـم رفعـت يديهـا، ورمقـت السـماء بناظريهـا ونطقـت وملأَ شفتيها الإيمان وقالت: «يـا محمـداه، هـذا حسـين بالعـراء، مرمّـل بالدمـاء، مقطـع الأعضـاء، وبناتـك سـبايا  وذريتــك مقتلة...فأبكــت كل عــدو وصديــق حتــى جــرت دمــوع الخيــل علــى حوافرها ثـمّ بسـطت يديهـا تحـت بدنـه المقدس، ورفعتـه نحـو السـماء وقالت: « إلهي تقبـل منـّا هـذا القربـان»[30]

        لقـد توقّـع الأعـداء أن يروهـا مهزومـة وأهلهـا قتلـى علـى رمضـاء كربلاء، ولكنّهـا أسـمعتهم صـوت دعائهـا حيـث أنهـا دعـت الله تبـارك وتعالـى أن يتقبـل مـن هـذا البيــت الطّاهــر قربــان العقيــدة وفــداء الإيمــان زينــب (ع) فــي هــذا الموقــف تعــد نفســها القائــد، وتقــدم القرابيــن فــي ســبيل الله إذاً لا ذل ولا نــدم بــل صبروثبــات وعزيمــة.

        ومـن أروع صـور ثباتهـا سلام الله عليهـا عنـد دخولهـا دار الإمـارة، حيـث نراهـا عليهـا السلام تقـف بـكل ثبـات لتصـف مـن هي وبمـاذا أكرمهـا الله تعالـى، وأن كل مـا مرّت بـه تصفـه بالجمـال، ثـم توضـح ثباتهـا علـى خـط الإمامـة لتدافـع وبـكل قـوّة وثبـات، وبالتحديــد عندمــا التفــت ابــن زيــاد إلــى الإمــام الســجاد (ع) وأمــر بضــرب عنقــه فنـرى السـيّدة زينـب(ع) وبـكل ثبـات تدافـع عـن الامامـة المتمثلـة بالإمام السـجاد(ع) دخلـت سلام الله عليهـا دار الإمـارة، وانحـازت جانبـاً فسـأل ابن زيـاد من هذه؟ وعـرف مـن بعـض النسـاء أنّهـا زينـب بنـت علـي فأحـب أن يُنـزل مـن قدرهـا وقـدر أهلهـا، وقـد ذكـر البحرانـي فـي العوالـم: (إذ ابتـدأ كلامـه معهـا شـامتاً قائـلاً:«الحمـدلله الـذي فضحكـم.. فقالـت: الحمـد لله الـذي أكرمنـا بنبيـّه محمـد وطهّرنـا مـن الرجـس تطهيـراً إنمـا يفتضـح الفاسـق، ويكـذب الفاجـر، وهـو غيرنـا والحمـد لله)[31]

        نعـم يـا بنـت الخيـر كلـه أنتـم والله من أذهـب عنكـم الرجـس وطهركـم تطهيـراً، ذلـك الطهـر الـذي شـع مـن جـدك رسـول الله وأورثـه لكـم أهـل البيـت فهنيئـاً لكـم أن تكونـوا رمـوزاً للصبـر والثبـات فـي مواجهـة الجيـش الأمـوي. «ثـم تقـدم ابـن زيـاد محـاولا أن يذلهـا(ع) ليسـألها عـن مقتـل ذويهـا:» كيـف رأيـت صنـع الله بأخيـك وأهـل بيتـك؟ فقالـت (ع):مـا رأيـت إلا جميلاً، هـؤلاء قوم كُتِب عليهـم القتـال فبـرزوا إلـى مضاجعهـم وسـيجمع الله بينـك وبينهـم فتحـاج، وتخاصـم فانظـر لمـن يكـون الفلـج يومئـذ ثكلتـك أمـك يابـن مرجانـه). [32]

        وعندمــا رأى ابــن زيــاد لعنــة الله عليــه علــي بــن الحســين (ع) قــال لــه: «من أنـت؟ فقـال: أنـا علـي بـن الحسـين، فقـال: أليـس قـد قتـل الله حسـين!؟ فقـال لـه علـي عليـه السلام: قـد كان لـي أخ يسـمى عليـاً قتلـه النـاس فقـال ابـن زيـاد: بـل الله قتلـه. فقـال لـه علـي بـن الحسـين: <الله يتوفـى الأنفـس حيـن موتهـا> [33]، فغضـب ابـن زيـاد وقـال: وبـك جـرأة لجوابـي!؟ وفيـك بقيـة للـرد علـي!؟ اذهبـوا بـه فاضربـوا عنقـه! وهنـا جـاء الـرد الزينبـي ليحطـم نشـوة النصـر التـي داعبـت أفـكار ابـن زيـاد الإجراميـة: يـا ابـن زيـاد! إنـك لـم تبق منـّا أحـداً فـإن عزمـت علـى قتله فأقلتنـي معه، فنظـر ابـن زيـاد إليهـا و إليـه ثـم قـال عجبـا للرحـم! والله إنـي لأظنّهـا ودت أنـي قتلتهـا معـه، دعـوه فأنـي أراه لمـا بـه» [34]

دورها التربوي في رعاية الأطفال والنساء

        فكـر الإمـام الحسـين (ع) فـي مصيـر عائلته ومسـتقبلهم بعـد شـهادته، فهو (ع) يعـرف أعدائـه القتلـة الذيـن حتمـا سـيروعون النّسـاء والأطفال، وكذلـك يعـرف أن الإمـام السـجاد(ع) مريـض غيـر قـادر علـى رعايتهـم ويعـرف كذلـك قـدرة السـيّدة زينــب(ع) وأنهــا قــادرة علــى النهــوض بهــذه المســؤولية علــى أكمــل وجــه، تلــك المسـؤولية التـي هيأتهـا لكل الظـروف الصعبـة التـي مـرّت بهـا (ع)، فأخذت تبحث عـن الأطفـال وتعدهـم واحـداً واحـداً وتبحـث عمّـن لـم تجـده: «السـيّدة زينـب لمـا بـدأت بجمـع العيـال والأطفـال، لـم تجـد طفليـن منهـم، فذهبـت تبحـث عنهمـا هنـا وهنـاك، وأخيـراً وجدتهمـا معتنقيـن نائميـن، فلمـا حركتهمـا فـإذا همـا قـد ماتـا مـن الخـوف والعطـش، ولمـا سـمع العسـكر بذلـك قالـو لابـن سـعد: رخص لنـا فـي سـقي العيـال» [35]

        وعندمـا آن الرحيـل إلـى الكوفـة أمـر ابن سـعد بأن تُحمل النسـاء علـى الجِمال، فتقدمــت الســيدة زينــب(ع) وجعلــت تنــادي كل واحــدة مــن النســاء باســمها وتركبهـا علـى المحمـل، حتـى لـم يبـق أحـد سـوى زينـب (ع). فنظـرت يمينـاً وشـمالاً، فلـم تـر أحـداً سـوى الإمـام زيـن العابديـن وهـو مريـض. فأتــت إليــه وقالــت: قــم يــا بــن أخــي واركــب الناقــة، قــال: يــا عمتــاه اركبــي انــت ودعينــي أنــا وهــؤلاء القــوم. [36]

        وصــل الركــب الحســيني إلــى الكوفــة، كان أثــر الإجهــاد والإعيــاء والإرهــاق واضحــاً علــى وجــوه الأطفــال، فلاحظــت ذلــك بعــض نســاء أهــل الكوفــة، فصــرن يقدّمــن التمــر والخبــز إلــى الأطفــال والصبايــا، فتنــاول منــه بعضهــم لكــنّ الســيّدة زينـب(ع) رفضـت ذلـك، ومنعـت الأطفـال مـن تنـاول الصدقـات مـن النّاس قائلة (إن الصدقـة حـرام علينـا أهـل البيت...ولمّـا سـمعت الصبيـة مقالـة العقيلـة رمـى كل واحـد منهـم مـا فـي يـده أو فمـه مـن الطعـام، وراح يقـول لصاحبـه أن عمتـي تقـول أن الصدقـة حـرام علينـا أهـل البيـت). [37]

        تســتمر(ع) فــي إثــراء كربـلاء بالجانــب التربــوي وتمنــح الأطفــال اليتامــى المضطهديـن موعظـة فيسـمعها الأطفـال وهـم فـي حالـة الأسـر والقهر، ففـي أصعب الظــروف نجــد الســيدة زينــب تــؤدي دورهــا التربــوي اتجــاه الأيتــام والعيــال، لقــد منحـت السـيدة زينـب(ع) بعطائهـا التربـوي الإنسـان فـي مختلـف الأزمـان دروسـاً قيّمـة فـي الحفـاظ علـى المبـادىء، وهدفهـا سلام الله عليهـا هـو بنـاء جيـل واعـي يكمـل المسـيرة التـي ابتدأهـا الإمـام الحسـين(ع).

دورها التربوي في الإستنكار والتحدي

        زينــب(ع) تدخــل الكوفة، والكوفــة مدينــة تزدحــم فيهــا الشــوارع، وتمتلــىء طرقهـا بالشـرطة الذيـن جـاءوا ليخنقـوا أي صـوت يرتفـع ضـد السـلطه، وفـي هـذه الظـروف يدخـل ركـب سـبايا رسـول الله وفـي تلـك الظـروف أشـارت السـيّدة زينـب إلـى النـّاس أن اسـكتوا فسـكت كل شـيء حتـى الأجـراس التـي عُلّقـت فـي أعنـاق الإبـل.

يقـول بشـير بـن خزيـم الأسـدي: (ونظرت إلـى زينـب بنـت علـي (ع) يومئـذ فلـم أر خفـرة ـ والله ـ أنطـق منها، كأنهـا تفـرغ عـن لسـان أمير المؤمنين علـي بن أبي طالب، وقـد أومـأت إلـى النـاس أن أسـكتوا. فارتدت الأنفاس وسـكنت الأجـراس). [38]

وقالـت: «الحمـد لله والصلاة علـى أبـي محمـد وآلـه الطيبيـن الأخيـار، أمـا بعد: يـا أهـل الكوفـة، يـا أهـل الختـل والغـدر أتبكـون؟ فلا رقـأت الدمعـة، ولا هـدأت الرنة، إنمـا مثلكـم كمثـل التـي نقضـت غزلهـا مـن بعـد قـوة أنكاثا».

تبــدأ حديثهــا وتنبـّـه أهــل الكوفــة إلــى أن رســول الله(ص) هــو أبوهــا، ثــم بعــد ذلــك تُسـمِع أهـل الكوفـة كلمـات توبـخ بـه مـن خـذل الإمـام الحسـين(ع) ونقـض المواثيـق والعهود، والهـدف كان تربويـاً حيـث(ع) أرادت إيقـاظ ضمائر أهل الكوفة فقالـت: (أبداً بحمـد الله والصلاة والسـلام علـى نبيّـه أمـا بعد، يـا أهل الكوفـة، يا أهل الختـر والخذل، ألا فـلا رقـأت العبـرة، ولا هـدأت الرنـة، إنمـا مثلكـم كمثـل التـي نقضـت غزلهـا مـن بعـد قـوة أنكاثـاً، تتخـذون أيْمانكـم دخلاً بينكـم، ألا وهل فيكم إلا الصلف والشـنف وملق الإماء، وغمز الأعداء...أتبكون؟! إي والله، فابكوا وإنكم والله أحرياء بالبكاء فابكوا كثيراً واضحكـوا قليـلاً، فلقـد ذهبتـم بعارها وشـنارها، ولن ترخصوها بغسـل بعدها أبـداً، وأنّى ترخصون قتل سـليل النبوة، ومعدن الرسـالة، وسـيّد شباب أهل الجنة، وملاذ خيرتكم ومفـزع نازلتكـم، ومنـار حجتكـم، ومـدرة ألسـنتكم ألا سـاء مـا تـزرون). [39]

        بعــد هــذا الإســتنكار، تنتقــل الســيّدة زينــب(ع) لتشــبّه جريمــة قتــل الإمــام الحسـين بقطـع كبـد رسـول الله(ص) فـأي مسـلم يدّعـي الإسلام ويقتـل إمامـاً هـو بمنزلـة الكبـد لرسـول الله، فتقـول لهـم(ع): «ويلكـم أهـل الكوفـة أتـدرون أي كبـد لرسـول الله فريتــم؟ وأي كريمــة لــه أبرزتــم؟ وأي دم لــه ســفكتم؟ وأي حرمــة لــه هتكتــم؟». [40]

        إنّ هـذا الموقـف يـدل علـى صلابـة وشـخصيّة السـيدة زينـب(ع) التـي أثّـرت بحديثهـا فـي الكوفـة علـى كل مـن سـمعها، وبتحدّيهـا أكـدت حقيقـة مهمـة جـداً وهـي: الإيمـان بانتصـار العـدل علـى الظلـم وانتصـار الـدّم علـى السّـيف وانتصـار المسـتضعفين علـى المسـتكبرين، وهـذا الإيمـان كان حاضـراً وراسـخاً فـي نفـس السـيّدة زينـب(ع) وهـو مـن آثـار التربيـة الإسلامية الصحيحـة التـي تلقتهـا فـي طفولتهـا، وكذلـك مـن آثـار المصائـب التـي توالـت عليهـا لتصنـع منهـا شـخصية مكتملــة قــادرة علــى إكمــال المشــروع الإلهــي الــذي أكمــل خطوتــه الأولــى ســيّد الشـهداء الإمـام الحسـين(ع).

        وبهــذا الإيمــان واجهت(ع) يزيــد فــي قصــر خلافتــه المتهــاوي الأركان، حيـث جمـع القـادة والوجهـاء والـوزراء والسـفراء مـن أجـل أن يُظهـر زهـو الإنتصـار، فخاطبتــه(ع) باســمه الصّريــح لتنــزل مــن قيمتــه أولاً ولتكســر فرحتــه بالإنتصــار وشــعوره بالزهو ثانيــاً قائلة: (أظننــت يــا يزيــد حيــن أخــذت علينــا أقطــار الأرض وضيّقـت علينـا آفـاق السـماء، فأصبحنا لـك أُسـارى نُسـاق إليـك سـوقاً فـي قطـار وأنــت علينــا ذو اقتــدار، أنّ بنــا مــن الله هوانــا، وعليــك منــه كرامــة وامتنانــا، وأنّ ذلــك لعظــم خطــرك وجلالــة قــدرك، فشــمخت بأنفــك ونظــرت فــي عطفــك، تضـرب صـدرك فرحـا... فمهلاً مهلاً، لا تطـش جهـلاً، أنسـيت قـول الله عـز وجـل: ﴿وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ﴾. [41][42]

        وتســتمر عليهــا السلام فــي عكــس الأزمــة التــي أراد يزيــد أن يطــوّق بهــا أهــل البيـت، فجعلتـه هـو الـذي يطـوّق بأزمـة أمـام ضيوفـه، حيـث ذكّرتـه بأصلـه السـافل ونســبه المخــزي فتقــول: «أمــن العــدل يــا بــن الطلقــاء تخديــرك حرائــرك و إمــاءك، وســوقك بنــات رســول الله ســبايا قــد هُتِكَت ســتورهن، وأُبْدِيَتْ وجوههن تحدو بهـن الأعـداء مـن بلـد إلـى بلـد... ليـس معهـن مـن رجالهـن ولـي ولا مـن حماتهـن حمـي عتـواً منـك علـى الله وجحـوداً لرسـول الله ودفعـاً لمـا جـاء بـه مـن عنـد الله».

        ثـم تنتقـل لتوضـح أنّ القـادم بـإذن الله هـو للحـق، وأن النصر والعاقبة سـيكونان للحســين(ع) واصلاحــه -إنّمــا خرجــت لطلــب الإصلاح فــي أمّــة جــدي رســول الله(ص)ــ ولأهـداف ثورتـه المباركـة حيـث قالـت عليهـا السلام: (ثـم كـد كيـدك، واجهـد جهـدك، فـو الله الـذي شـرّفنا بالوحي والكتـاب والنبوة والإنتخاب لا تـدرك أمدنا، ولا تبلـغ غايتنـا، ولا تمحـو ذكرنـا، ولا يرخـص عنـك عارها وهـل رأيـك إلافند؟ وأيامك إلا عدد، وجمعـك إلا بـدد، يـوم ينـادي المنـادي ألا لعـن الله الظالـم العـادي، والحمـدلله الـذي حكـم لأوليائـه بالسـعادة، وختـم لأصفيائـه بالشـهادة، ببلـوغ الإرادة ونقلهم إلـى الرحمـة والرأفـة والرضـوان والمغفـرة). [43]

السيدة زينب (ع) وإدارتها للأزمات

        إنّ استشـهاد الإمـام الحسـين وكل مـا مـرّت بـه الأسـرة النبويـة الشـريفة ينطبـق عليــه مفهــوم الأزمــة، حيــث أنّ الأحــداث التــي ســبقت استشــهاد الإمــام وتبعتــه كانــت أحــداث عنيفــة هــددت حياتهــم. قـادت السـيّدة زينـب (ع) عصـر يـوم عاشـوراء الركـب الحسـيني، وأمامها فئـة فاســدة تقودهــا المصالــح الدنيويــة إلــى تخويــف وترويــع الأســرة الشــريفة، حيث نجــد الســيّدة زينــب مســؤولة عــن الإمــام الســجاد (ع) المريــض وعــن العلويــات مـن النّسـاء والأطفـال ونسـاء الأصحـاب. إذن هنـاك أزمـة حقيقيّـة تمـر بهـا السـيّدة زينـب (ع)، وكمـا عرفنـا سـابقاً أن مـن يقـود الأزمـة لابـد أن تكـون شـخصيته مميـزة وعلميتــه عاليــة ليتمكــن مــن إدارتهــا. ومــن الناحيــة الشــخصية المميــزة فقــد أوضحنـا شـخصية السـيدة زينـب فيمـا سـبق مـن خـلال تربيتهـا التـي تلقتهـا فـي البيـت العلـوي، ولابـد مـن توضيـح الخصائـص الأخـرى التـي تميّـزت بهـا السـيّدة زينـب والتـي سـاعدتها فـي إدارة الأزمـات فـي كربلاء هـي:

- المكانــة العلمية: فهي(ع) عالمــة غيــر معلمــة، وهــذا الوصــف أو اللقــب قــد أطلقــه عليهــا الإمــام الســجّاد حيــث قــال (ع) لمّــا رأى عمتــه زينــب (ع) وهــي فــي أســرها تخطــب بالجماهيــر المتجمعــة مــن أهــل الكوفــة الذيــن خرجــوا للتفــرج عليهــا، واســتعرضت سـلام الله عليهــا كل ماجــرى عليهــا وعلــى أهــل بيتهــا فخاطبهــا قائـلاً:(يــا عمــة اســكتي، ففــي الباقــي مــن الماضــي اعتبــار، وأنــت بحمــد الله عالمــة غيــر معلمــة، وفهمــة غيــر مفهمــة).[44]

وهـذه دلالـة واضحـة علـى منزلتهـا العلميّـة الرفيعـة التـي كانـت تتمتّـع بهـا بحيـث يصفهـا إمـام زمانهـا الإمـام السـجاد(ع) بهـذا الوصـف الرائـع.

- الصّبـر والتّحمـل: كانـت تسـمى أم المصائـب لمشـاهدتها الأحـداث المروعـة التـي مـرّ بهـا أهـل بيتهـا ابتـداءً بوفـاة جدهـا الرسـول(ص) وانتهـاءً بمصيبـة كربـلاء. وهـذه المحـن والرزايـا سـاعدت فـي تنميـة قـدرة السـيّدة زينـب عليهـا السـلام لتعطـي كل ماتملـك مـن صبـر وتحمـل للأزمـات فـي كربـلاء.

        لقــد بينـّا فــي تعريــف إدارة الأزمــات أن هنــاك ثـلاث مداخــل لإدارة الأزمــة، وهنـا نريـد أن نعـرف أي مدخـل اسـتخدمت السـيدة زينـب (ع) لإدارة الأزمـات فـي كربـلاء، ولكـي نتعـرف علـى المدخـل الـذي اعتمدتـه السـيده زينـب (ع) لابـد مـن توضيـح الخطـوات التـي قامـت بهـا بعـد حادثـة كربـلاء.

الخطــوة الأولى: إدارة شــؤون الأســرة (النســاء والأطفــال) أي إدارة الشــؤون الداخليـة، حيـث أنهـا لملمـت الأسـرة المباركـة بعـد حـرق الخيـام وهجـوم العـدو وحرقـه للمخيـم، ومحاولـة الدفـاع بـكل قـوة عـن الإمـام السـجاد عنـد دخـول الشـمر لخيمــة الإمــام سـلام الله عليــه. [45]

الخطـوة الثانيـة: مسـيرة ركبهـم سـلام الله عليهـم مـن كربـلاء إلـى الشـام وهـم أسـارى وفـي أيديهـم وأرجلهـم الأغلال، حيـث نـرى السـيدة زينـب (ع) مـرة أخـرى تديـر الشـؤون الداخليـة بـكل مـا أوتيـت مـن قـوة لتحافـظ علـى الأمانـة التـي أودعهـا الإمـام الحسـين فـي رقبتهـا سلام الله عليهـا. [46]

الخطــوة الثالثة:مجلــس يزيــد، وهــذا يعنــي مواجهــة أعــداء الإمــام الحســين ورأس الفتنـة فـي الشـام حيـث تعرضـت الأسـرة المباركـة لـكل أنـواع السـب والشـتم والتحقيـر والرمـي بالحجـارة وهـم مقيـدون.[47]

        ومـن الخطـوات الثلاث نسـتنتج أنّ السـيدة زينـب (ع) اسـتخدمت المدخل الحديــث، والــذي يتــم فيــه التركيــز علــى البيئتيــن الداخليــة والخارجيــة للأزمــة والقـدرة علـى التنبـوء بالأزمـات قبـل وقوعهـا مـع التهيؤ المسـبق حيث إدارة السـيدة زينـب(ع) الأزمـة داخليـاً مـن خلال (إدارة شـؤون الأسـرة) وفـي نفـس الوقـت فـإن الســيدة زينــب(ع) تعــرف مســبقاً بالأزمــة التــي ســوف تمــر بهــا وذلــك مــن خـلال إخبــار الإمــام لهــا بذلــك: (يــا أختــاه إتقــي الله، وتعــزّي بعــزاء الله، واعلمــي أنّ أهــل الأرض يموتـون وأنّ أهـل السـماء لا يبقـون، وأن كل شـيء هالـك إلا وجـه الله، الـذي خلـق الخلـق بقدرتـه، ويبعـث الخلـق ويعيدهـم وهـو فـرد وحـده). فعزّاهـا بهـذا ونحـوه، وقـال لهـا: (يـا أختـاه إنـي اقسـمت عليـك، فأبـري قسـمي، لا تشـقّي علـيّ جيبـاً، ولا تخمشـي علـي وجهـاً، ولا تدعـي علـي بالويـل والثبـور إذا أنا هلكـت). [48]

        أي أنّ قضيـة كربـلاء بأحداثهـا المروعـة لـم تكن مفاجئة للسـيّدة زينـب ودورها فـي تلـك الواقعـة لـم يكـن عفويـاً مـن وحـي الصدفـة، فقـد كانـت سـلام الله عليهـا مهيـأة نفسـياً وذهنيـا لتـك الواقعـة.

أمــا أســلوبها سـلام الله عليهــا فــي إدارة الأزمــات فإنّهــا اســتخدمت أســلوب احتـواء الأزمـة وتفريغهـا مـن مضمونهـا، وتصعيـد الأزمـة، وعكسـها علـى مسـببها، فـدارت الدوائـر علـى يزيـد لعنـة الله عليـه فـي مجلسـه، فـي حيـن أنّ يزيـد أتـى بهـم ليذلهـم ويكسـر شـوكتهم ولكـن النتائـج أتـت علـى غيـر مـا توقـع فقد قلبت السـيّدة زينـب سـلام الله عليهـا كل الموازيـن وفضحـت يزيـد وأعوانـه أمـام الـرأي العـام. يقـول علـي الربانـي الكلبايكانـي: (إنّ نهضـة الإمـام الحسـين (ع) تركـت تأثيـراً بالغـاً في مجـرى الأحـداث، وكشـف الحقائـق للـرأي العـام حتـى بلـغ الوضـع درجـة أن الشـام نفسها (مركـز سـلطة معاويـة ويزيـد) والتـي تحكمـت بهـا سياسـة الإعلام المضـاد لعلــي وأهــل بيتــه لســنوات طويلــة، قــد انقلبــت فيهــا الأجــواء لصالــح أهــل بيــت الرسالة). [49]

الخاتمة:  
        إن إدارة السـيدة زينـب (ع)  للأزمـات فـي كربـلاء حققـت نتائـج مذهلـة وكبيـرة تسـتحق الوقـوف عندهـا والتفكـر العميـق، وهـذا وحـده يحتـاج إلـى بحـث مسـتقل للإسـتفادة مـن هـذا الإرث الزينبـي الرائـع، حيـث أنهـا حولـت الـذل الـذي حـاول الأعـداء أن يجعلـوا أهـل البيـت يشـعروا بـه حولتـه إلـى عـزة وكرامـة فهـي إمـرأه وحيـدة لا ناصـر ولا معيـن، حولـت حالـة الـذل والهزيمـة والضعـف إلـى عـز ونصـر وقـوة لأن المعركة أساسـاً ليسـت معركـة ماديـة كمـا يتوقـع يزيـد وأعوانـه بـل هـي معركـة القيـم
والعـزة والإبـاء.

 

[1] قاموس الجامع المحيط، مادة آثر.

[2] يس، الآية 12.

[3] ابن منظور، لسان العرب: 1/69.

[4] الحديد، الآية 27.

[5] الروم، الآية 50.

[6] القاموس الجديد، مادة رب 1/70.

[7] مصطفوي حسن التحقيقات في كلمات القرآن 4/22.

[8] الحسيني، نذير، فلسفة التربية في الإسلام، ص23.

[9] الإسراء، الآية 9.

[10] المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار 1/153.

[11] ابن منظور، لسان العرب 1/153

[12] الأكاديمية العربية، البريطانية.

[13] أبو شيخة، نادر أحمد، المدخل إلى إدارة الوقت، ص 317.

[14] فن إدارة الأزمات.

[15] ابن منظور جمال الدين محمد. لسان العرب 6/88.

[16] الجزائري، نور الدين، الخصائص الزينبية، ص37.

[17] المصدر السابق، ص 41.

[18] فلسفي، محمد تقي، الطفل بين التربية والوراثة 1/82.

[19] القزويني، محمد كاظم، زينب الكبرى من المهد إلى اللحد، ص36.

[20] مغنية، محمد جواد، مع بطلة كربلاء، ص 5.

[21] البغدادي، ابراهيم حسين، زينب بنت علي فيض النبوة وعطاء الإمامة، ص76.

[22] مغنية، محمد جواد، مع بطلة كربلاء، ص5.

[23] ابن الأثير، الكامل في التاريخ 3/263.

[24] انظر: دروس في الشيعة والتشيع، علي الرباني الكلبايكاني، ص101.

[25] المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار 44/364.

[26] انظر: البغدادي، ابراهيم حسين، زينب بنت علي، ص105.

[27] القزويني، محمد كاظم، زينب الكبرى من المهد إلى اللحد، ص 167.

[28] القزويني، محمد كاظم، زينب من المهد إلى اللحد، ص 168.

[29] القزويني، محمد كاظم، زينب الكبرى، ص190.

[30] البحراني، عبدالله بن نور، عوالم العلوم 11/958.

[31] ابن طاووس، علي ابن موسى، اللهوف في قتلى الطفوف، ص 94.

[32] ابن طاووس، علي بن موسى، اللهوف في قتلى الطفوف، ص97.

[33] سورة الزمر، الآية 42.

[34] المفيد، محمد بن محمد، الإرشاد 1/244.

[35] المازندراني، محمد مهدي، معالي السبطين في أحوال الحسن والحسين 2/12.

[36] الأصفهاني، علي بن حسين، مقاتل الطالبين، ص 118.

[37] الفريشي، باقر شريف، حياة الإمام الحسين 3/334.

[38] ابن طاووس، علي ابن موسى، اللهوف على قتلى الطفوف، ص193، 194.

[39] المفيد، محمد بن محمد، الإرشاد في معرفة حجج العباد 2/ 115.

[40] المفيد، محمد بن محمد، الإرشاد في معرفة حجج العباد 2/115.

[41] سورة آل عمران، الآية 178.

[42] المجلسي، محمدباقر، بحار الأنوار 140/97.

[43] الطبرسي، الخبير أبو منصور أحمد بن علي، الإحتجاج 2/37.

[44] الجزائري، نور الدين، الخصائص الزينبية، ص 64.

[45] انظر: زينب الكبرى للقزويني، ص 183-187.

[46] المصدر السابق، ص127-128.

[47] المجلسي، بحار الأنوار 45/ 127.

[48] المفيد محمد بن محمد، الإرشاد في معرفة العباد، ص232.

[49] الكلبايكاني، علي، دروس في الشيعة والتشيع، ص71.

التعليقات